الصلاة في المساجد التي فيها قبور من البدع والمنهي عنه في دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووضح كثير من العلماء اللبس الذي أصاب الناس في هذا الشأن فقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" هنا شبهة يشبه بها عُبَّاد القبور ، وهي : وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده ، والجواب عن ذلك : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يدفنوه في مسجده ، وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي الله عنها ، فلما وَسَّعَ الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في المسجد ، وقد أساء في ذلك ، وأنكر عليه بعض أهل العلم ، ولكنه اعتقد أن ذلك لا بأس به من أجل التوسعة , فلا يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ، أو الدفن في المساجد ؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة ؛ ولأن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور." ]مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (5/388، 389)[.
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الصلاة في مسجد فيه قبر ؟
فأجاب :
" الصلاة في مسجد فيه قبر على نوعين :
الأول : أن يكون القبر سابقاً على المسجد ، بحيث يبنى المسجد على القبر ، فالواجب هجر هذا المسجد وعدم الصلاة فيه ، وعلى من بناه أن يهدمه ، فإن لم يفعل وجب على ولي أمر المسلمين أن يهدمه .
والنوع الثاني : أن يكون المسجد سابقاً على القبر ، بحيث يدفن الميت فيه بعد بناء المسجد ، فالواجب نبش القبر ، وإخراج الميت منه ، ودفنه مع الناس .
أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي شمله المسجد النبوي فمن المعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بُنِيَ قبل موته فلم يُبْنَ على القبر ، ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن فيه ، وإنما دفن في بيته المنفصل عن المسجد ، وفي عهد الوليد بن عبد الملك كتب إلى أميره على المدينة وهو عمر بن عبد العزيز في سنة 88 من الهجرة أن يهدم المسجد النبوي ويضيف إليه حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمع عمر وجوه الناس والفقهاء وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك ، وقالوا : تَرْكُها على حالها أدعى للعبرة ، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة ، كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً فكتب عمر بذلك إلى الوليد فأرسل الوليد إليه يأمره بالتنفيذ فلم يكن لعمر بُدٌّ من ذلك ، فأنت ترى أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يوضع في المسجد ، ولم يُبْنَ عليه المسجد ، فلا حجة فيه لمحتج على الدفن في المساجد أو بنائها على القبور." [ بتصرف من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (12/السؤال رقم 292)].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.