ذو القرنين
قال تعالى فى سورة الكهف : وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ( 83 -84)
كل ما يخبرنا القرآن عن ذى القرنين أنه ملك صالح ، آمن بالله وبالبعث وبالحساب، فمكّن الله له في الأرض ، وقوّى ملكه ، ويسر له فتوحاته. بدأ ذو القرنين التجوال بجيشه في الأرض ، داعيا إلى الله. فاتجه غربا، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من ورائه . وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه. فألهمه الله – أوأوحى إليه – أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار ، فما كان من الملك الصالح ، إلا أن وضّح منهجه في الحكم فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم حسابهم على الله يوم القيامة، أما من آمن ، فسيكرمه ويحسن إليه. بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب، توجه للشرق . فوصل لأول منطقة تطلع عليها الشمس. وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفات تحجب الشمس عن أهلها. فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب ، ثم انطلق . وصل ذو القرنين في رحلته ، لقوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة . وعندما وجدوه ملكا قويا طلبوا منه أن يساعدهم في صد يأجوج ومأجوج بأن يبني لهم سدا لهذه الفجوة ، مقابل خراج
من المال يدفعونه له. فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين . استخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد . فقام أولا بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين . ثم أوقد النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته. فسدّت الفجوة
وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج ، فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره . وأمن القوم الضعفاء من شرّهم . بعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار، نظر للسّد، وحمد الله على نعمته، وردّ الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.