السامرى و العجل
قال تعالى : { وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ * ( سورة الأعراف 148) .
يذكر تعالى ما كان من أمر بني إسرائيل حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها. فعمد رجل منهم يقال له هارون السامري ، فأخذ ما كانوا استعاروه من الحلي ، فصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب ، كان أخذها من أثر فرس جبريل ، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه. فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي . ويقال إنه استحال عجلاً جسداً أي لحماً ودماً حياً يخور، قال قتادة وغيره. وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كمن تخور البقرة . ، فيرقصون حوله ويفرحون . ولما رجع موسى عليه السلام إليهم ، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل ، ومعه الألواح
المتضمنة التوراة، ألقاها، ثم أقبل على أخيه هارون عليه السلام وعنفه وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهي ، وزجرهم عنه أتم الزجر .ثم أقبل موسى على السامري وقَالَ له ما حملك على ما صنعت قال : رأيت جبرائيل وهو راكب فرساً { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ }. أي من أثر فرس جبريل . قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ}. وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحداً، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى . قال : فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل بالنار، كما قاله قتادة وغيره. وقيل بالمبارد، كما قاله عليّ وابن عباس وغيرهما .